أنا أقصف .. إذن أنا موجود

محمد السيد محسن

من سمات القصف الأخير للسفارة الامريكية انه حول بعض “المقاومين” الى مدافعين عن السفارة وشرعية وجودها , ونسي البعض انه شارك في محاولة اقتحام تلك السفارة ورمي الحجارة على جدرانها بعد اغتيال المهندس وسليماني.

اليوم يتكرر القصف في اشارة واضحة لمطلب ايراني ورسالة ايرانية الى الادارة الامريكية انهم متواجدون في العراق وان العراق بات ينفذ اجندة ايرانية على ارضه , فلا يفكرن احد من ادارة الرئيس المنتخب جو بايدن ان يحاول تغيير المعادلة التي اقرتها مرحلة ما بعد عام 2014.

فالاحزاب التي وضعت يدها بيد الحاكم المدني لقوات الاحتلال الامريكي في العراق بول بريمر , واذعنت للاحتلال , لم تعد هي نفسها التي تمثل الطيف الاسلامي الشيعي في العراق , وان على الادارة الامريكية ان تتعامل وفق مستجدات الوضع في العراق , ومن خلاله من الممكن ان تعتبر ان ما يجري في العراق هو ورقة ايرانية جديدة تضعها ايران الثورة لتساعد فيها ايران الدولة في اية مفاوضات قادمة مع الولايات المتحدة او مع الاتحاد الاوربي.

ويجري حديث في اروقة بعض احزاب الفتح وهو التحالف الذي بات يوصم بانه ينفذ الاجندة الايرانية في العراق , ان قياداته هم من ينسق مع الجهات القاصفة , وبعد انتهاء عملية القصف يتم توزيع الادوار حيث يستنكر هادي العامري , فيما يقول الخزعلي ان وجود السفارة يعتبر مستفزا للعراقيين.

وعلى الرغم ان هذه التسريبات تستهدف توضيح ما يجري فعلا على الواقع الميداني , الا انها لم تتعد التكهنات , وان القصد منها ايضا هو احراج ومحاولة “تقزيم” رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي , لان الجهات التي تقصف معروفة للكاظمي ولكنها تعلم كما هو يعلم ان لا ارادة لديه -اي الكاظمي – ليفصح عنها او ان يتخذ اجراءات تحول دون وقف هذا القصف , خصوصا وان بعض هذه الجهات ما زالت تتهم الكاظمي عيانا بمشاركته باغتيال المهندس وسليماني , الامر الذي نبش في رفاته رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي وقال ان الطائرة التي نفذت عملية الاغتيال حصلت على موافقات رسمية من جهات عراقية ذات قرار, ودعا الحكومة للتحقيق بالمرجعية الادارية العراقية التي اعطت الامريكان الموافق على استخدام الاجواء العراقية لتنفيذ عملية الاغتيال, لكن هذه الدعوة لم تلق اذانا صاغية لحد الان , ما يشير الى ان المتورطين في اعطاء الاوامر لن يتعاونوا لادانة انفسهم.

القاصفون لن يتوقفوا في المرحلة القادمة لانهم يبحثون عن الفوضى العارمة التي ستحدث في العراق بعد نقل السفارة الامريكية من بغداد الى اربيل , ولان بعض الاحزاب “الاسلامية” بدأت تعرف تماما ان الانتخابات القادمة لن تجعل منها على سطح المشهد الامر الذي تحاول مقاومته باعادة العراق الى مرحلة الفوضى وتفعيل الطائفية كخيار وحيد لبلاد في ظل مرحلة جديدة لانقاذ هذه الاحزاب من الضمور او الانقراض.

ومن الجدير قوله ان الخلافات بين الاحزاب التي تدخل ضمن دائرة التدين السياسي تنتهي حال وجود خطر يداهم احدها , فتجد ان الدعوة الى “انتخابات عقائدية” هو عزف منفرد على وتر الطائفية من جديد ليعود العراق الى اجواء الانتخابات الرقمية , حيث تختلط القداسة مع السياسة , في اشارة الى العودة لايام قائمة “555” التي انتجت كل ما جاء بعدها من ضيم واخطاء واستحواذ للطبقة السياسية المقدسة وترك الفتات للشعب الذي لم يحصل من العملية السياسية الا على المصير المجهول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى