أبشروا .. غيرنا زيدا بعمر

محمد السيد محسن

إنتفاضة شباب الناصرية هي إمتداد لإنتفاضة تشرين التي لم يهدأ أوارها لحد الان , وما زالت المطالب عينها , تغيير النظام السياسي , واستعادة الديمقراطية التي حولتها الطبقة السياسية الى غطاء باهت اللون , تتقاسم من خلالها مكاسب السلطة ولا تفيء على الشعب الا بالفتات الذي لا يفي بغرض مواصلة الحياة بكرامة.
الملاحظ أن هذه الطبقة السياسية لا تستطيع أن تتراجع خطوة الى الوراء , ولا تسعى لمراجعة جدية لمجموعة أخطائها الكبيرة والفادحة طيلة 17 عاما منذ استلام السلطة من المحتل الامريكي الذي يعد المسؤول الاول عن ترتيب وضع سياسي هش يخدم السلطة ولا يعتني بالشعب.
مازالت السلطة السياسية لا تعترف بمسؤوليتها , ولا تجرؤ على الوقوف امام مراة المراجعة , رغم اعترافات فردية لقادة احزابها بالفشل وضرورة التنحي , وقاموا بالمقابل بالاستمرار والتشبث بالسلطة لعلمهم انهم سينقرضون اذا طبقوا الدستور العراقي الذي سنوه هم بانفسهم , وانهم سيعاقبون على أطنان من ملفات الفساد التي اقترفوها طيلة فترة حكمهم للعراق.
اما دور رئيس مجلس الوزراء فما زال ينحصر بخدمة الاحزاب وليس خدمة المواطن , وهذا لعمري يعد من أكبر السقطات التاريخية التي يتحملها مصطفى الكاظمي , حيث لم يف بأول وأهم تعهداته بكشف القتلة , فبقي في حال انبطاح لتلك الكتل التي سيطرت على القرار في البلاد , واصبحت كل قراراته بشأن الاحداث والانعطافات المهمة عبارة عن محاولات ترقيع وهروب الى الوراء , ولم يضع الشعب نصب عينه , بل يفكر بالاحزاب التي يعتقد انها من الممكن ان تبعده عن كرسي رئاسة الوزراء متى شاءت .
واخر الحلول الترقيعية استبدال محافظ ذي قار برجل سلطة حسبه بعض النواب على كتلة دون اخرى , وافشى بعضهم ما عده سرا بأنه يمثل التيار الصدري , ولم يخف هؤلاء النواب ان الكاظمي يحاول استرضاء زعيم التيار الصدري تحسبا واستعدادا للانتخابات المزمع اجراؤها في تشرين الاول القادم.
الكاظمي يعلم تماما كما بقية الكتل السياسية واحزاب السلطة , ان مطالب الجماهير المنتفضة تتلخص بتغيير النظام السياسي والتخلص من سلطة المتدينيين السسياسيين الذين اضاعوا الوطن على حساب المذهب والدين فتميعت السيادة وبقيت تلك الاحزاب رهينة فتاوى من خارج الحدود , وهذا ما يرفضه العراقيون , ويحاولون استعادة الوطن من الذين فازوا بالانتخابات الماضية رغم كل الاخطاء والفضائح التي شابتها – الانتخابات- ونتائجها وقانونها سيء الصيت الذي فصله المحتل الامريكي لإشاعة الفوضى وعدم التعبير الحقيقي عن إرادة الناخب العراقي.
لا أعتقد ان خطوة الكاظمي ستنجح في كبح جماح المتظاهرين لأن تغيير زيد بعمر لن يفي بغرض التظاهر , ولا يخدم الا مصالح الأحزاب التي تحاول إحاطة النار الملتهبة بجليد الوعود والتهدئة المرحلية , لانهم يبحثون عن أية فرصة يتنفسون بها الصعداء , على أمل أن يسري الجليد الى جسد الانتفاضة وينسي ثكالى الناصرية فقد اعزائهم واحبابهم برصاص القوات الامنية , ليبقى دين الشعب برقبة الكاظمي في قدرته على توفير الإرادة اللازمة لشجاعة كشف القتلة وقمع ولو جزء من الفساد واستعادة القانون , والقدرة على محاسبة المخطئين بغض النظر الى انتماءاتهم الحزبية , وهذا ما يشك به كل العراقيين لان سيرة وسلوك الكاظمي لم تعط لحد الان بريق أمل على قدرته لتأسيس مواجهة جادة مع من يسرق القرار منه بتجاوز فاضح للدستور باسم المقدسات والخطوط الحمراء التي احاطت بها سلطة المتدين السياسي نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى