10602
محمد السيد محسن
لطالما تمنيت ان يكون وزير الثقافة العراقي صحفيا , لأنه ينتمي الى سلطة البحث عن المتاعب وهذا ما يرسخ قدرته على تجاوز الكثير من تلك المتاعب , فجاء رئيس وزرائنا هذه المرة من العائلة الصحفية , بيد ان مشكلة المتاعب التي تطارد الصحفيين من اصحاب القرار ما زالت تستمر وبوتيرة عالية جدا , لا سيما ان المحاكم العراقية بدأت تتحدث عن منافسة القضايا التي تتهم الصحفيين ب “الاهانة” لقضايا الطلاق.
تزامن الكشف عن رقم هوية نقابة الصحفيين العائدة لرئيس الوزراء ” وهو عنوان المقال” مع زيارته الاخيرة وحضوره حفل افتتاح المبنى الجديد لنقابة الصحفيين , كما تزامن مع اشتداد حملة قمع الحريات الصحفية , والتنكيل بالصحفيين واقتيادهم كمجرمين عتاة وقتلة وارهابيين عبر تطبيق مذكرات القاء القبض بحقهم بطريقة شنيعة , وكأن هذا الصحفي من المواطنين الخطرين , ويحمل قنبلة يدوية بين فكية وسبابته ووسطى اصابعه. وفي الحقيقة هو لا يملك الا صوته وقلمه ووجهات نظر قد تجرح هذا ولكنها ترضي ذاك.
كنا وما زلنا نأمل ان يكون رئيس الوزراء بخلفيته الصحفية منصفا للصحافة والصحفيين وان يكون قادرا على حمايتهم من استهدافهم من قبل الطبقة الحاكمة , وان يحث القضاء على التعامل بطريقة اكثر مدنية وتربوية مع الصحفيين الذين باتوا يحملون هموم دعاوى قضائية تهددهم اكثر من هموم البحث عن الاخبار ومستلزمات التواصل مع الوظيفة.
ان رئيس الوزراء وباعتباره الوظيفي يمكن ان يقدم مقترحا للسلطة القضائية او الى البرلمان العراقي , لإعادة صياغة المادة 226 والتي تتضمن معاقبة الصحفي عبر استخدام لفظ فضفاض جدا وهو “أهان” ويدعو ان تحديد مضامين هذا اللفظ , فقد بلغ السيل الزبى من استغلال هذا اللفظ من قبل الطبقة السياسية ومن يسير بتعليمات رجالاتها , حيث وقع الكثير من الصحفيين ضحايا “إهانة” لعدم تحديد مصداق تطبيق لهذا المفهوم الواسع.
ان على الصحفي صاحب البطاقة الصحفية المرقمة “10602” وهو مصطفى الكاظمي , عليه ان يواكب الثورة التكنلوجية التي جعلت من المواطن صحفيا وجعلت العالم يعيش مرحلة الصحفي المواطن الذي اصبح مصدرا مهما للاخبار , فاليوم باتت وكالات الانباء تعتني بصحفية المواطن وابلاغاته التي يتقدم بها من خلال مشاهداته ووجهات نظره عبر بوابة البوح الكبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي , التي حولت العالم الى مطبخ صحفي كبير , يشوبه الكثير من العمل غير المحصن لكنه بات حالة جديرة بالانتباه وليس الملاحقة , خصوصا وان المستهدفين من الصحفيين ينتمون الى نقابة الصحفيين وليس من شريحة المواطنين الصحفيين الذين يستخدمون هواتفهم لتوثيق لحظات عابرة ليس الا .
اعتقد جازما ان الصحفي الكاظمي الذي بات رئيسا لمجلس الوزراء في العراق يشتغل في داخله واعز تقديم او تقييم عمل الصحفيين لانه الان بات في دائرة الاستهداف مثلما كان هو يستهدف اخبار اصحاب القرار من قبل , وبالتالي فانه عاش الدورين واشتغل في المنطقتين حيث ان السلطة تعد مصدرا مهما للخبر , فيما تعد المنطقة الصحفية هي المتخصصة بنشر هذا الخبر . وهذا كله يدعو الصحفي السابق وصاحب القرار اليوم الى ان يتفهم الهم الصحفي وخطورة ان يتحول الصحفي الى مجرم خطير حال تطبيق مذكرة القاء القبض عليه بطريقة عنيفة , او استغلال لفظ “أهان” التي تتضمنها المادة “226” للعقوبات , وبالتالي فان اي دعم لوقف هذه الاجراءات التي تقوم بها قوات وزارة الداخلية التي تتولى اوامر الضبط , خصوصا وانها تأتي بشكل لا يليق بحكومة رئيسها صحفي.