قراصنة المنافذ يبكون على السيادة
محمد السيد محسن
حين تتمزق الدول تستعر نيران المواجهة في الاماكن الاكثر ثراء , حيث يسعى القوي للاستحواذ على مناطق تدعم قوته وتتدافع احزاب تستقوي بالسلاح وبعض المرتزقة المحليين من اجل السيطرة على مكاسب غير شرعية استغلالا لوضع استثنائي تمر به هذه الدولة او تلك.
ولا يحتاج العراق دليلا على ان بعض قواه السياسية استغلت الضياع وعدم قدرة القرار العراقي على التوحد فتواجدت احزاب وفصائل مسلحة في مناطق المنافذ الحدودية والدوائر الرسمية مثل المالية والعقارية والتجارية.
لقد شهدت دول مثل لبنان وليبيا وسوريا , هذه الظاهرة في التاريخ الحديث , حيث اصبحت مدينة برقة النفطية في ليبيا مثلا منطقة صراع نفوذ بين الاطراف المتنازعة , ومنطقة دير الزور الغنية بالنفط ايضا كانت هدفا لتنظيمات متشددة سيطرت عليها بقوة السلاح مستغلة ضعف الحكومة في دمشق.
ما يختلف في العراق قليلا ان هذا الاستحواذ جرى برعاية حكومية وحزبية حيث ان هذه الاحزاب واذرعها المسلحة تعاملت بنفاق عال حيث وضعت يدها بيد المحتل وادعت انها تقاوم , وقبلت بالدخول بحكومات برعاية المحتل وجاهرت بمعارضتها للامريكان , واتفقت مع المحتل على قيادة العراق وتبجحت امام العراقيين باستحقاقاتها النضالية التي حصلت عليها نتيجة دماء شهدائها.
وما ان تطورت قضية الاستحواذ والاستقواء باطراف خارجية , حتى بان الوضع المعقد لادارة الدولة , فاصاب العجز الهرم الاعلى للدولة المتمثل برئاسة مجلس الوزراء , وبات توفير رواتب الموظفين العراقيين الحقيقيين والوهميين على حد سواء من اهم انجازات الحكومة ذاك الشهر, الامر الذي دفع مصطفى الكاظمي لتقوية مؤسساته الحكومية من خلال توفير السيولة المالية التي نشفت بسبب الشفط المتواصل لاحزاب مسلحة بالمال والسلاح خارج اطار القانون.
وحصل التدافع الكبير منذ اسبوع ولحد الان بين الجهات التي لا تريد ان تخسر مكتسبات ما حصلت عليه مع استمرار الفوضى , ولا تستطيع ان تتراجع خطوة الى الوراء خشية ان تفقد الكثير او يتم استبدالها من القوى الماسكة والداعمة لها , فشنت حربا على رئيس الوزراء , من خلال اتهام جهاز المخابرات العراقية , وادعت انه جهاز فاسد ويدار من قبل دولة الامارات العربية المتحدة , حيث جاء هذا الاتهام بعد قرار للكاظمي بنقل خدمات 300 موظف في المخابرات الى المنافذ الحدودية , لانه المكان الافضل له للحصول على سيولة مالية تدعم التزامات حكومته ورواتب الموظفين.
هذا القرار كشف وفضح الجهات التي تسيطر على المنافذ الحدودية دون وجهة حق , وبلا شك فانه ابتعد عن منافذ شمال العراق التي تقع تحت سيطرة الكرد , وهذا ما اغضب فصائل تعمل باوامر ايرانية في العراق , فنظمت حملة اعلامية عبر قنواتها التلفازية ضد جهاز المخابرات , واتهمته بالعمالة لدولة الامارات , وشارك في هذه الحملة نواب متحزبون يتبعون فصائل واحزاب تأخذ اوامرها من ايران عبر فتاوى واضحة .
توجت المواجهة بين قراصنة المنافذ وكاظمي المخابرات باغتيال منتسب للجهاز في منطقة امنة قرب داره في بغداد.
من يقترب من اموال الفصائل والاحزاب سيعاني بلا شك , ولا اعتقد ان الكاظمي سيمضي قدما في مواجهته مع قراصنة المنافذ , لان التجارب السابقة اثبتت انه غير جدير بالمواجهة وانه ينسحب مع اول هجمة اعلامية عليه , ويلجأ الى النسيان كستار لفشل المواجهة.