حُلمنا الذي إنقلب

علاء الخطيب

في العام 2003 كان حلمنا جميعاً ان تتحرر السياسة والاقتصاد من القبضة الحديدة القامعة ، وبدلا من الاقتصاد الشمولي الذي كان يحكم حركة التجارة ، سيحل اقتصاد السوق وبدلا من الدكتاتورية ، سننعم بالديمقراطية وحرية الرأي ، لكن ما حصل هو تحرر السياسة فقط على نحو مبالغ فيه كثيراً إلى حد التفتيت الشديد وضياع السيادة وتوزيع لسلطة صناعة القرار عبر آليات المحاصصة والتوافق والتقاسم الحزبي للسلطة ومواردها.
بينما كان الحلم بالرفاهية يساور المهمشين ، كان الواقع يعكس صوراً اخرى ويؤسس الى فوضى عارمة. انقسم فيها الواقع الى سياسيين غارقين بالنعيم و فقراء يلوذون بالحرمان، هوةٌ سحيقة بين الاثنين .
بلد يحسده الاخرون على ثرواته ، بينما يحترق ابناؤه بلهيبها.
يزداد الفقراء فقراً ، مثلما يزداد الاغنياء ثراءً .
مفارقة عجيبة في بلاد النهرين كشفها تقرير لبرنامج الغذاء. العالمي عن تصاعد معدلات الفقر التي قاربت 32% , كان للجنوب فيها حصة الاسد .
لم تكن النتيجة مفاجئة لكنها مستهجنة، بعد انخفاض قيمة الدينار ، وانتشار الفايروس فقد ثلث العراقيين قدرتهم على توفير السعرات الحرارية اللازمة لاجسامهم التي تقيهم الامراض، فاضطرهم الحال الى اللجوء والتكيف مع الواقع مما سيؤثر على المستوى المعاشي .
ومن الغريب ان العراقيين يتمنون لاسعار النفط ان تبقى منخفضة ، وهو امر ربما يصعب تحليله في الحالات الاعتيادية لكن لو عرفنا السبب لبطل العجب ، يقول العراقيون نحن لم ننعم بالثروة كما هو حال شعوب الدول النفطية ، فكلما ارتفع سعر البرميل ازداد السراق غنى وقوة وازددنا فقراً وضعفا .
ففي احصاء اجرته منظمة محلية عن الثروة النفطية هل هي نعمة أم نقمة ؟
اوضحت النتائج ان 70% من العراقيين يعتبرونه نقمة و20% قالوا انه نعمه و10% مترددين.
هذا الاستطلاع يوضح لنا مستوى الاحباط الذي يتملك الانسان في العراق .
كما يوضح لنا الاصرار العجيب للشباب في مواصلة الرفض والتمرد والتظاهر لتغيير الواقع .
نريد وطن ليس شعاراً عبثياً بل ضرورة الواقع الذي فرض نفسه في بلد النفط والجوع .
ورغم ان العراق اصبح ثاني اكبر مصدر للنفط العالم خلال هذا الشهر الا ان الامر لم يكن مهماً بالنسبة للشارع ، فهذا المركز لا يغير من الواقع المأساوي لفئات الطبقة الوسطى التي تعيش في ظروف غاية في الصعوبة .
لقد قتل الحلم وانقلب الواقع وكل ما نحلم به هو الرجوع الى الواقع الذي يضمن لنا العيش بحرية وكرامة سنبقى نحلم ونعمل معاً لنحقق احلامنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى