من العدس الى الملح .. بغداد تنهض من جديد

محمد السيد محسن

على سبيل النكتة قيل ان احدهم لا يحب “الدولمة ” فاراد احد الأصدقاء مشاكسته فتحدث عن أكلة يحبها ولم يذكر الدولمة ، بل جزّأها ، وبدأ يعد مفرداتها،  ورق العنب والبصل. البطاطا. الباذنجان والطماطم والرز حتى انتفض المقصود بالمشاكسة وقال : انعل والديه اللي يلفهن .

يبدو ان حكوماتنا المتعاقبة ادارت الحديث من الدوامة الى شوربة العدس ، حيث وزع عادل عبد المهدي يوم كان رئيس وزراء لأفشل فترة مر بها العراق الحديث ، وزع على المواطنين كيلو عدس لكل مواطن مضافا الى حصته التموينية ، حتى اذا جاء الكاظمي من بعده تذكر ان الشوربة بقيت بدون ملح ، فانتهز فرصة قدوم شهر رمضان الكريم ليطلق البشرى للعراقيين عن طريق وزير التجارة بتوزيع الملح مضافا الى البطاقة التموينية .

بلا شك ان المسؤولية التاريخية القادمة تقع على كاهل رئيس الوزراء القادم ليضيف للعدس والملح بعض البهارات ، لتكتمل شوربة العدس الحكومية عبر رؤساء الوزراء العراقيين كل يكمل من طبختها بعض مفرداتها ،. اما اللعنة فانها ستقع على كاهل المواطنة التي ستطبخها للعائلة وتضيفها لمائدة إفطار رمضان.

ليس هذا ما ينتظره المواطن العراقي من حكومته ، وليس بالملح تتزين الأوطان وتستقر قلوب أهلها ، وليس بالملح الحكومي تسترد كرامة المواطن المضيعة ،وليس بمكرمة الملح الحكومية سينحصر السلاح المنفلت ولن يهدد المواطنين وامنهم وان كانوا في بيوتهم، بيد ان في العراق لا يجري الا ما هو عجيب ومريب.

لقد عاش المواطن تجربة “السبّيس” الانتخابية والتي علك فيها اشباه السياسيين وضحكوا من خلالها على وعي المواطن البسيط ، ثم حين قرر بابا الفاتيكان القدوم الى العراق شمرت الحكومة عن ساق فأعطت المواطن ما هو ارفع واثمن من سبيس الانتخابات ووعودها الناقصة ، واكسيت الشوارع بالاسفلت ومن تحته السبيس كي تسير سيارة البابا على شوارع بدون مطبات ، فكانت تلك أيضاً تجربة تطورية لا تخلو من الضحك على ذقون أبناء الشعب المسكين .

العطايا الحكومية لا تستحي ، ويعتقد مقدموها انهم يسجلون مواقف تاريخية من خلال تحسين الواقع المزري الذي يعيشه المواطن لكنهم ينسون الأولويات ويربكون مقدماتها وخواتيمها ، فتراهم يتبجحون بمكرمات تحمل في طياتها إهانة لأبناء الشعب ، وتشكل صورة تهكمية يقصدها الحاكم ويتبجح بها مع علمه ان المواطن سينفس عن آلامه عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي ، وتلك لعمري اخر ما تنتبه اليها السلطة ورجالاتها واحزابها الفاسدة ، حيث انهم يتابعون من يشتمهم ليذهبوا الى القضاء ويفتلون من خلاله عضلاتهم على المدونين الشبان وغيرهم ممن يستثمروا بصيص الديمقراطية من خلال شبابيك البوح المجانية في مواقع التواصل الاجتماعي او عبر بعض  البرامج التلفازية التي دأبت معظم الفضائيات الحزبية وغيرها على بثها من خلال انتداب احد مراسليها الى الشارع ليستطلع اراء المواطنين.

توزيع الملح واضافته الى مفردات البطاقة التموينية ليس بفعل عظيم يستحق الذكر ، بل هو محاولة إهانة للشعب وقياس مدى قدرته على الرد وكيفية التعامل مع إهانة كهذه في ظل الارباك الأمني ومشهد الغدر والقتل اليومي الذي يتوزع على كل محافظات العراق ، وفي ظل الإحباط الجماهيري من سلطة غاشمة استقوت على الشعب بمفردات القداسة والدين وكبلته وادعت زورا انها جاءت لحفظ كرامته وإعادة حقوقه

أخطاء السلطة نعمة على الشعب كي تقصر من عمرها وتحفز من الوقوف بوجهها بشكل جاد وموحد هذه المرة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى