مدة صلاحية الوطن

محمد السيد محسن

محمد السيد محسن
انه حلم مزعج مر به قبلنا المواطنون في الاتحاد السوفياتي وتشيكسلوفاكيا وكوريا ويوغسلافيا , حين شهدوا اللحظة التاريخية لتفكك اوطانهم وتباعدهم عن بعضهم البعض بسبب اخطاء سياسية من الممكن ان تعد ساذجة.

انه حلم مزعج يحققه نقاش حاد يجري في العراق منذ شهرين حول احتمالية نفاد صلاحية الوطن , حيث ان شبح الافلاس يهدد العراق ويتم التحذير من انهيار حاد في السقوط في براثن التفكك , وان مدة صلاحية الوطن وانتهاء صلاحية وجوده كوطن لن يجعله قادرا على الاستمرار وفق سياقات البقاء والتواصل.

والحديث هنا ليس عن مدة صلاحية حكومة او عملية سياسية , بل ان التهديد بدأ يطال العراق كوطن , فالوطن هو ان يحصل فيه المواطن على كامل حقوقه , واحيانا لا ينفك هذا المواطن يناضل من اجل حقوقه , بيد ان ما يتم الحديث عنه هو ان المواطن لن يجد ما يبحث عنه من حقوق ورواتب وخدمات وتنمية وما الى ذلك.

المؤشرات تشير الى ان العراق لن يكون قادرا على الوفاء بالتزاماته الدولية والداخلية عام 2023 , بسبب افلاس الخزائن بشكل كامل , ليعلن العراق حينذاك دولة مفلسة , ليضاف الى اعلان العراق دولة فاشلة منذ عام 2004 .

ويرى متخصصون في مجال الاقتصاد ان العراق اذا سار على ذات الشاكلة التي يسير عليها الان فانه سيعاني من الانهيار السريع .

اين يكمن الحل؟

بلا شك ان الحل بيد اصحاب القرار , حيث انهم الوحيدون القادرون على انتشال العراق من افلاسه , ومساعدته على ركوب سكة النجاح والتنمية ليصل الى تلبية احتياجات شعبه, فهذه الطبقة السياسة غير عابئة بما سيعاني منه العراق في حال افلاسه , ولكل فصيل منها مارب , فكرد السلطة سيجدون تلك الفرصة سانحة للانفصال واعلان دولتهم وتمدد وجودهم على اراض لن يجدوا من يقف في وجههم , حيث ان الولايات المتحدة الامريكية زادت من قوة البيشمركة بتزويدهم باليات واسلحة دون الجيش العراقي.

وبعض المجاهدين العراقيين الايرانيين يجدون ان افلاس العراق وانتهاء صلاحية الوطن سيدفعه الى حضن الماسك الايراني , فيما يرى الانفصاليون الموصليون ان معاهدة لوزان لم تعد نافدة وتحين عودة الموصل الى سيطرة الاتراك .

واذا اطلعنا على تجارب التفكك السابقة نجد ان العامل الاقتصادي كان هو الفيصل في تسريع عملية التفكك تلك , حيث ان الشعب يتحول الى شعوب في حال عدم توفير الوطن لمواطنه ما يجب ان يوفر ولو الحد الادنى الذي يديم المواطنة ومنها الامن الاقتنصادي .

انه التفكك الكبير لوطن تأسس في مطلع القرن العشرين وكان من الممكن ان يؤسس لقصة نجاح متواصل في الوجود , لكن اهله هم من فرط بوجود الوطن وانهما مدة صلاحيته من خلال التصرفات الثيوقراطية والتعامل مع قادته على انهم رسل جدد الى الارض , وافاضة القداسة الى خطائين حقيقيين.

اعود بالقول ان العراق سيستمر فقط حين يحترق الوطن في داخل نفس قادته , فيتحركون لاطفاء جذوة التفكك والفشل , من خلال الانتماء للوطن فقط .

انها نقطة جديرة بالانتباه , فقادة العراق اليوم ينتمون الى احزابهم وطائفتهم واعراقهم وقومياتهم ومناطقهم ولكنهم لا ينتمون الى الوطن , بل ان المثير منذ عام 2003 , لم نجد مفردة الوطن رائجة بين اصاب القرار , حيث ضاعت مثل ما ضاعت مفردة الدولة , وحل محلها مصطلح العملية السياسية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى