ما هي المهام القادمة لحلف الأطلسي في العراق؟
أكد أونلاين-بغداد
أعلن حلف شمال الأطلسي”الناتو” أنه سيزيد من مهامه داخل العراق نظرا لعدم الاستقرار الأمني ومساعدة بغداد في محاربة “داعش”، وأن عدد عناصره قد يرتفع إلى 5000 بدلا من 500 في الوقت الراهن، فما هو الدور القادم لحلف شمال الأطلسي في العراق؟ ولماذا طلب الكاظمي من حلف شمال الأطلسي زيادة قواته في العراق؟
يرى مراقبون أن تلك الخطوة تأتي اليوم بناء على طلب الحكومة العراقية بعد أن فقدت السيطرة على الأرض، بعد أن كانت هناك مطالبات برلمانية بإخراج القوات الأجنبية منذ عدة أشهر، لذا فإن زيادة أعداد الناتو لن تكون العصا السحرية للاستقرار في البلاد، والحل يكمن في مؤتمر دولي شامل للحوار بين كل العراقيين دون استثناء وبضمانات دولية من أجل استقرار العراق والمنطقة والعالم.
السير نحو المجهول
يقول أمين عام اتحاد القبائل العربية ي فالعراق، ثائر البياتي: “كل يوم يمر في العراق يثبت أن مستقبل هذا البلد يسير نحو المجهول و تتقاذفه العواصف من كل مكان وبكل الاتجاهات حتى فقد الجميع الحل وزمام الأمور، فلا وجود لمخرج يفرض طرف الحل على بقية الأطراف، حيث فقدت الحكومة قدرتها على السيطرة على أرض الواقع، والمليشيات أصبحت عدو للجميع، ولا يمكن لبقية الأطراف أن تنهي وجودها أو لجمها وتحديد قدراتها”.
وأضاف البياتي لـ”سبوتنيك”: “وإن كانت المليشيات أصبحت واقعا ولا يملك لأحد السيطرة عليها، هي نفسها لا تمتلك القدرة لفرض إرادتها على بقية الأطراف العراقية وتقلبهم وفق أجندة القوى وانقسامهم فيما بينهم، وتحولهم إلى مافيات وعصابات ومرتزقة وفق من يدفع ويدعم، وقد تخلى معظمهم عن منهاجهم وانقلبوا حتى على راعيهم وداعمها الأول “الجمهورية الإسلامية”.
رسائل الثورة
وأشار البياتي إلى أن “المتظاهرين قدموا تضحيات غالية من أجل توصيل رسائل مهمة للعالم أجمع، وهي أن في العراق شباب واعي، يبحث عن وطن تم رهنه لدول إقليمية وعالمية، والأهم هو إعلان موت الطائفية بعد أن عولت عليها واستفاد منها الأحزاب وساسة العملية السياسية، الذين سقطوا أمام المجتمع العراقي بفسادهم و طائفيتهم وتبعيتهم لأجندات خارجية، وأكدو فشل العملية السياسية التي أسست تحت نير المحتل الأمريكي”.
حل دولي
وأوضح البياتي: “مشكلة العراق بدأت بتدخل دولي في العراق غيّر كل شيء فيه إلا وحدة المجتمع العراقي، وكما بدأت دولية يجب أن تنتهي بنفس الطريقة لكي تتعافى البلاد وتستقر، وهذا بدوره سوف يؤثر على استقرار المنطقة والعالم، ويتمثل الحل الدولي في عقد مؤتمر عالمي لإنقاذ العراق برعاية وضمان وإشراف دولي يشارك فيه الجميع من القوى السياسية العراقية بلا استثناء”.
وتابع البياتي: “وهذا لن يتم إلا بوجود قوة دولية ضامنة لتأمين أرض العراق أولا، قبل أن يكون ساحة حرب تتصارع فيها كل الأطراف، لهذا نجد أن الأصوات التي تطالب بإخراج المحتل، تقابلها أصوات تنادي ببقائه لضمان أمنهم”.
استراتيجيات بعيدة المدى
ولفت أمين اتحاد القبائل البياتي إلى أن “إعلان زيادة عدد القوات الدولية العاملة بالعراق هو أمرمتوقع بل هو مرسوم وفق أجندات دولية لها استراتيجيات بعيدة، تهدف إلى تأمين والسيطرة على أكبر مصدر للطاقة (حوض نفطي) في العالم، لعبة الأقوياء لكسر الإرادات ضحيتها الصغار”.
توسيع مدى الناتو
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد والسفير السابق بالخارجية العراقية الدكتور قيس النوري: “إنه من المعروف أن حلف الناتو وإثر تفكك الكتلة الشرقية وجناحها العسكري حلف وارسو، أقر أعضاء دول حلف الناتو في اجتماعهم الذي عقد عام 1995 في الولايات المتحدة الأميركية توسيع مدى العمل العسكري للحلف ليشمل العالم، بشكل أوسع بعد أن كانت محصورة في القارة الأوروبية في إطار مواجهة حلف وارسو، لذلك نرى أن قوات الناتو اشتركت في عمليات عسكرية واسعة بالحرب في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى خارج ساحاته التقليدية السابقة في أوروبا”.
وأضاف النوري لـ”سبوتنيك”: “لذلك فإن التوجه لزيادة عدد قواته في العراق وتوسيع نشاطاته يأتي ليس فقط لما يحصل في العراق من اضطرابات وإنما يجيء أيضا تنفيذا لقرار الحلف التوسع في الأهداف ومواجهة التهديدات أينما كانت، وهو قرار خطير يشكل تهديدا مباشرا لجميع دول العالم، ومن الجدير الإشارة إلى أن تلك التعديلات التي أضيفت إلى أهداف الحلف، والتي تتيح لقواته التدخل لمواجهة حالات أخرى تندرج تحت دعوى التدخل الإنساني وكذلك التدخل لحماية الأقليات”.
وتابع النوري: “كل تلك المسوغات أوجدها قادة دول الحلف لتتيح لهم توسيع مديات العمل وتحويل الحلف إلى أداة ضاربة لحماية المصالح الغربية عموما”.
ذرائع التدخل
وأشار النوري: “من هذا المنطلق يتأتى الموقف الأخير للحلف فيما يخص العراق، بعد أن وفرت الميليشيات المدعومة من إيران بسلوكها، فرصا للتدخل الأجنبي بهدف واضح يتمثل في محاولة إشغال الناتو في ساحات أخرى بعيدا عن إيران، لذلك نقول إن هذه الميليشيات عندما تستخدم صواريخها المحدودة التأثير أصلا، إنما هي توفر فرص التدخل ليس إلا، بصرف النظر عن شعاراتها المضخمة إعلاميا”.
وذكر ستولتنبرغ بحسب موقع “العربية”، في تغريدة على حسابه في موقع “تويتر”، مساء أمس الثلاثاء، أنه اتصل برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وأكد له أن “حلف الناتو يتطلع لدعم العراق في الحرب ضد الإرهاب”.
وتطرق المسؤولان إلى مهمة التدريب التي يقودها الناتو في العراق، كما أشار ستولتنبرغ إلى زيادة الدعم الذي يقدمه الحلف للقوات العراقية. في وقت قال فيه مسؤولون ودبلوماسيون كبار “إن وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي يعتزمون توسيع نطاق مهمة التدريب التي يضطلع بها الحلف في العراق بمجرد انحسار جائحة كورونا، في خطوة سيترتب عليها على الأرجح ترسيخ دور أكبر في الشرق الأوسط”.
وتوقع أربعة دبلوماسيين، في حديث مع وكالة “رويترز” أن يوافق الوزراء في مؤتمر عبر الإنترنت يوم الخميس المقبل على الخطط التي قد ترفع قوة الناتو في العراق من نحو 500 جندي كحد أقصى في الوقت الراهن إلى نحو 4000 أو 5000 جندي.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في وقت سابق: “إنه يتوقع أن يوافق وزراء الدفاع على التوسيع، بحيث يعمل عدد أكبر من جنود الحلف في مزيد من المؤسسات الأمنية بجميع أنحاء العراق. وأضاف “ستتوسع المهمة تدريجيا نظرا للوضع”.
ويحتفظ حلف الأطلسي بمهمة غير قتالية “للتدريب والمشورة” في بغداد منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2018، لكن خطط توسعة المهمة تأجلت. ويعود سبب ذلك في جانب منه لجائحة كورونا، وكذلك إلى المخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي إثر مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، في بغداد في الثالث من يناير/ كانون الثاني 2020 في هجوم بطائرة أميركية مسيرة.
وكانت خطط التوسع السابقة قد جاءت أساساً استجابة لطلب من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي دعا الحلف إلى بذل مزيد من الجهود في الشرق الأوسط.
وقال دبلوماسيون: “إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، رئيس المخابرات السابق وحليف الولايات المتحدة الذي تولى منصبه في مايو/ آيار 2020، هو الذي يحرص هذه المرة على أن يكون لحلف شمال الأطلسي وجودا أكبر في البلاد في وقت تتزايد فيه الأوضاع الأمنية اضطرابا.
وتعرضت القوات التي تقودها الولايات المتحدة، يوم الاثنين الماضي، إلى هجوم صاروخي في أربيل (شمال العراق) أدى إلى مقتل متعاقد مدني وإصابة جندي أميركي، في أعنف هجوم من نوعه منذ نحو عام.
ومن المرجح أن يتولى حلف الأطلسي بعضاً من أنشطة التدريب التي يقوم بها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم “داعش” (المحظور في روسيا).
وقال دبلوماسيون بحسب “العربية”: “إن مهمة الحلف، التي تشارك فيها بريطانيا وتركيا والدنمارك ويقودها قائد دنماركي، تجد قبولاً بين العراقيين أكبر من قوة التدريب الأميركية”.
وتقدم مهمة حلف الأطلسي في الوقت الراهن، خدمات التدريب والإرشاد لأعضاء المؤسسات الأمنية العراقية وللقوات الخاضعة للسيطرة المباشرة للحكومة العراقية فحسب.