العلماء يرصدون لأول مرة نبضات راديوية سريعة من داخل درب التبانة
فريق تلسكوب تشايم يرصد لأول مرة نبضات راديوية سريعة من داخل مجرتنا (يوريك ألرت)
متابعة اكد اونلاين :
في 28 أبريل/نيسان الماضي تمكن فريق “تلسكوب تشايم CHIME Telescope”، في ولاية بريتش كولومبيا الكندية، من رصد واحدة من تلك الإشارات الكونية المجهولة التي تسمى “نبضات راديوية سريعة”، لكنها لأول مرة في تاريخ رصدنا لها، كانت قادمة من داخل مجرتنا.
أثارت الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية “نيتشر Nature” يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ونوهت عنها جامعة ماكجيل McGill University المشاركة في الدراسة بإصدار صحفي رسمي، انتباه فلكيي العالم أجمع، فمنذ اكتشافها في العام 2007 عبر مرصد باركس Parkes Observatory في أستراليا، كانت تلك النبضات واحدة من أكبر الأسرار العلمية.
نبضات مجهولة
النبضات الراديوية السريعة Fast Radio Bursts هي دفقات كهرومغناطيسية قوية مجهولة المصدر، تدوم الواحدة منها عدة أجزاء من الألف من الثانية الواحدة، وتنشأ من أعماق الكون بصورة عشوائية تماما ومن كل مكان.
ولم يتمكن العلماء من رصد تكرار تلك النبضات بنفس النمط ومن نفس المصدر سوى مرات معدودة خلال ما يقرب من عقد ونصف، وكانت هذه النبضات من القوة والسرعة بحيث تصوّر فريق بحثي من جامعة هارفارد Harvard University في العام 2017 أنها مصنّعة بشكل متعمد من قبل حضارات أخرى.
وبحسب الدراسة الخاصة بفريق “تشايم”، لوحظ أن النبضات السريعة هذه المرة قادمة من “نجم مغناطيسي” Magnetar يقع على مسافة 30 ألف سنة ضوئية، مقارنة بالأرصاد السابقة على مسافة ملايين السنوات الضوئية، فإن النبضات هذه المرة “قريبة جدا”.
نجوم غريبة
النجوم المغناطيسية هي حالة غاية في الغرابة من النجوم، قطرها حوالي 20 كيلومترا فقط وكتلتها تساوي شمسا أو شمسين.
لكن الأغرب من ذلك هو قدراتها المغناطيسية، حيث نعرف أن قوة المجال المغناطيسي للنجم النيوتروني العادي تساوي تريليونات المرات قدرة المجال المغناطيسي للأرض، لكن النجوم المغناطيسية أكبر 1000 مرة من هذ القدر، ويصل الأمر لدرجة أن بعض تلك النجوم يطلق من الإشعاع المغناطيسي في عُشر ثانية فقط، ما تطلقه الشمس في 100 ألف سنة.
سمي هذا المصدر المغناطيسي الذي خرجت منه النبضات الراديوية السريعة SGR 1935+2154، ومنذ لحظة اكتشاف النبضات، وجه العلماء كامل انتباههم ناحيته، وإذا به يدهشهم من جديد.
الكثير من الأسئلة
في مايو/أيار الماضي، التقط “تلسكوب ويستربورك Westerbork Synthesis Radio Telescope” في هولندا دفقتين راديويتين من نفس المصدر، وتمكن التلسكوب الراديوي الصيني الأكبر في العالم فاست “Fast Radio Telescope”، بعد ذلك بعدة أسابيع، من التقاط دفقة أخيرة من نفس المصدر.
وقد تم تأكيد تلك الأرصاد الثلاثة في دراسة صدرت في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي بدورية “نيتشر أسترونومي Nature Astronomy“.
وتقدم الدراسة الأخيرة تأكيدا على أن مصدر هذه النبضات هو النجوم المغناطيسية، وهو تقدم كبير منذ 2007، لكننا لا نعرف بعد الكثير عن طبيعتها، ولِم تصدر من الجرم SGR 1935+2154 في فترات متفاوتة؟ وما الذي يدفعها للتكوّن؟
وربما يكون التقاط هذه النبضات من داخل درب التبانة هو قفزة كبيرة في طريق العلماء ناحية الإجابة على كل تلك الأسئلة.