الجيش العراقي ليس باسلا في شمال البلاد
محمد السيد محسن
مثل كل عام رفض قادة اقليم كردستان العراقي في شمال البلاد الاحتفال بعيد الجيش العراقي , وكرروا مقالة كل عام ان هذا الجيش هو الذي قتل ابناءنا وخلف العديد من الضحايا , والحقيقة ان الجيش هو الذي كان يعبأ بشكل سياسي للقضاء على ابناء الشعب وكان هذا ديدن الحكم في العراق , سرعان ما تسخر الجيش باعتباره اقوى جهة في البلاد لمصلحتها.
يعد بكر صدقي صاحب اول عملية تسخير للجيش العراقي في تغيير البنية السياسية في بلاد ما حيث قاد كتيبة من الجيش العراقي في 29/تش1/1936 للاطاحة بحكومة ياسين الهاشمي , وكانت تلك اول محاولة انقلاب عسكرية في العراق والمنطقة العربية للاطاحة بالحكومات.
لم تتم ادانة الجيش وقتها , وانما تمت ادانة بكر صدقي لان الصفة المعنوية للجيش من المكن ان يستوعبها اي مفهوم مرحلي ويحول بوصلة هذا الجيش لصالحه.
امعان قادة كرد في شمال البلاد وتأسيس لغة الكراهية لمؤسسة مهمة كالجيش العراقي للاسف لم يتم الوقوف بوجهها وارغام الاقليم على الاحتفال في حال اقرار قوانين لا تجيز اهانة المؤسسات الوطنية مثل الجيش.
والسؤال الذي يجب ان يستند اليه البعض ويوجهه للقادة الكرد هو ان الجيش العراقي لم يفتك بكرد العراق فقط وانما لم يستثن اي مكون او منطقة الا واستخدم الجيش لقمع اي تمرد بها , ولكن اهل البصرة مثلا او الناصرية او كربلاء والنجف ما زالوا يحتفلون بعيد الجيش لانهم يعلمون تماما ان مؤسسة الجيش تم تسخيرها من قبل دكتاتوريات متعاقبة , وليس العلة في الجيش , فهو مؤسسة مسلكية انضباطية تعتمد سياق تنفيذ الاوامر دون نقاش اساسا لانضباطها وديمومة قوتها.
وحين نقرأ تغريدة للسيد مقتدى الصدر مثلا يحيي بها بطولات الجيش العراقي , وحين يتغنى ابن الناصرية بطولات الجيش يجب ان نتذكر ان محافظات النجف وذي قار كما هي بقية المحافظات تعرضت الى قمع في مراحل تاريخية مهمة في العراق من قبل الجيش , ولكن الحقيقة ان الاوامر التي صدرت الى من هم في الجيش وقتذاك تعد المسبب بالقمع وليس المؤسسة بذاتها.
فكيف يتفاعل ابن الناصرية او ابن النجف مع مناسبة عيد الجيش وهو يتذكر ما فعله الجيش بعد انتفاضة اذار عام 1991 والتي خلفت مئات الاف الضحايا في جنوب البلاد وشمالها؟
انهم يعلمون بان القيادة الدكتاتورية الرعناء هي التي تتحمل مسؤولية تسخير الجيش لقمع الشعب.
لقد مر الجيش العراقي بمراحل تأمر عليه خصوصا بعد عام 2003 , ولم يكتف القادة الجدد بالتامر حتى شكلوا القيادة المشتركة واضافة الكثير من كوادر الدمج في ضمن صفوف الجيش فاستبدلت لفظة “سيدي” الاتي تدل على الطاعة ب “الحجي ” او ” السيد “. وبات القائد العام للقوات المسلحة يبرر فشله في الانتصار الى اسباب طائفية , حيث يقول المالكي في تبريره لخسارة الموصل وتركها تحت سيطرة تنظيم داعش بان الاكراد والسنة هم السبب في الهزيمة. بل وبات المقاتل العراقي المنتسب للجيش العراقي يأخذ اوامره من زعيم طائفيته او حزبه او رجل الدين الذي يأخذ منه الفتاوى الدينية , فاستفحلت محنة الجيش كمؤسسة وطنية , وليس يعاب الجيش في هذه المرحلة بل يعاب سلوك الطبقة السياسية.
بيد ان الجيش العراقي كمؤسسة تعرضت الى التسخير السلبي طيلة العقود المنصرمة لا بد ان تتخلص من التحريض والكراهية التي يعتمدها في هذه المرحلة قادة كرد عراقيين , لتأسيس مرحلة تحريض على كل ما هو وطني في العراق , واكثر مؤسسة ترتبط بالوطنية هي مؤسسة الجيش لانها تعد الظهير الاساس لسيادة البلاد وامان شعبها.