جئناكم فأنصفونا يا عرب
كتب : محمد السيد محسن
بعد قمة اللقاء الثلاثي في بغداد بين العراق ومصر والأردن ، كنت انتظر من المحللين والصحفيين وبعض السياسيين العرب ان ينصفوا العراق وان يقفوا معه وان لا يكرروا أخطاء ما بعد احتلال العراق عام 2003 ، حين وقفوا مع صدام حسين ونسوا العراق بتاريخه وشعبه ، ونفذوا اخطر اجندة جاء بها رجال الصهيونية المسيحية العابرين للمحيطات لاحتلال بلادنا.
كنت انتظر من النخبة العربية ان تركز على المشتركات وعلى النقاط المضيئة لا التشكيك بقدرة العراق على استعادة دوره العربي الذي يسعى اليه ، وكأنهم يريدون من العراقيين ان يستجدوا العروبة من اشقائهم ، وهم يعلمون ان الأفكار والمتبنيات تأتي بالقناعات وليس بالإكراه.
لقد اثبت العراق انه لا يسعى للتخلي عن حاضنته العربية ، بيد ان العرب يفترض ان ينفتحوا أيضا على العراق من خلال فتح أواصر كانت مغلقة منذ عام 2003 بعد زوال حكم صدام حسبن ، لان بعض العرب ما زالوا يختزلون العراق بشخصية صدام ، متخطين كل حماقاته التي أودت بشعبه وحطمت دولته وأثارت الضغينة بينه وبين الاشقاء.
انها معادلة التقدم خطوة مماثلة نحو من يتقدم لك خطوة ، حيث يتحدى الكاظمي بالعرب وينفتح بمشروع من الممكن ان تستفيد منه دول تشترك مع العراق باتفاقيات متواصلة ، بيد ان ما ساءني هو التزام بعض الصحفيين والمحللين العرب في سياق حديثهم عن أهمية ما جرى في بغداد من لقاء اتسم بحفاوة فيها كمية عالية من الحب والاحترام ، التزموا بذات الخطاب الطائفي التصغيري للعراق بذريعة احتلال ايران له ، وهم يعلمون ان الإيرانيين لا يحتلون العراق ، بل انهم يؤثرون في العراق وهذا امر لا يشكك به الا الغبي والمعاند ، حيث ان العراق تم احتلاله من أراض عربية ، وتم استقبال المحتل وانزاله في أراض عربي
، ولا نريد هنا ان ننكأ الجرح ، ونسعى لأن نقف جميعاً عند خط شروع واحد فقط ، يجعلنا نفكر في بناء مستقبل يحترم بلداننا جميعاً.
هم يتحدثون عن قضية نسبية ، حيث ان التأثير الإيراني عالي المستوى في العراق من خلال نخب سياسية سمحت لها ظروف الاحتلال ان تنضج وتحتل مركزا مؤثرا في المشهد السياسي ، وهي لا تختلف عن تأثير تركيا على نخب مصرية ، ولو بوتيرة اقل ، لكن مبدأ التأثير هو ذاته ، يفرضه واقع البلد السياسي وضعف إمكانات مواجهته في مرحلة ما .
يجب ان يعلم الصحفيون العرب وبعض وسائل الاعلام بأن الثورة التكنولوجية افضت بتأثيرات كبيرة على منظومة الوطن وهذا مرض يسري فعلاً في جسد دول عديدة حيث ان الأفكار لا حدود لها ، وان سيولة تدفقها وسهولة استجلابها وترويجها بات عقدة تفقد الوطنية وروحها قوة وتأثيراً ، ولم تعد مثلما كانت الدول الوطنية والقومية والعقائدية التي كانت سائدة في مراحل سابقة.
نحتاج من النخب العربية تعزيز ثقة العراقي بهم ، وان يقفوا معه في نضاله من اجل استعادة بريق الوطن وانتمائه ، ولا نريد ان نسمع لغة التشكيك في قضيتي الانتماء والوطنية ، فالعراق كبير ، والكبير اذا سقط سيسقط معه كل الصغار وسيستأسد عليهم صغار اخرون كانوا لا يتجرأون عليهم بوجود الكبير .
انها دعوة صادقة من عراقي عربي ان لا تكرروا أخطاء عام 2003 ، واعلموا ان من شق صفنا العربي هو ذاته الذي تختزلون العراق به ، واعلموا ان زمنه قد ولى وان العراق الجديد يحتاج الى مده بالثقة ، وليس بالتشكيك.