سأعود قريبا كونوا في الانتظار!.. ترامب وقصته مع الحرب والأعداء

أكد أونلاين-بغداد

تباهى دونالد ترامب في خطاب الوداع بأنه أول رئيس أمريكي يخرج من البيت الأبيض من دون أن يخوض “أي حروب جديدة منذ عقود”، في موقف يمثل إحدى المفارقات التي اتسمت بها ولايته.

ظهر ترامب منذ البداية بشخصية استثنائية وبمواقف متعددة مثيرة للجدل، وقلب هذا السياسي القادم من مجال الأعمال الكثير من المفاهيم والصور النمطية، ومن ذلك موقف يضع الرؤساء الجمهوريين في كفة أكثر ميلا من الديمقراطيين، نحو التدخلات العسكرية وإشعال الحروب.

ونرى في هذا الشأن على سبيل المثال أن سلفه الديمقراطي باراك أوباما شارك في العمليات العسكرية لحلف الناتو في إسقاط نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، فيما نفذ قبله الرئيس جورج بوش الابن عمليتي غزو مدمرتين في أفعانستان والعراق على خلفية هجمات 11 سبتمبر 2001.

بالمقابل حاول ترامب، الجمهوري بطبيعة خاصة، بأقصى قدر أن يكون مختلفا عمن قبله من رؤساء خاصة الديمقراطيين، وتفنن في انتقادهم والسخرية منهم.

ونال سلفه باراك أوباما الحصة الأكبر من الانتقادات، حيث نسف الكثير من الإنجازات التي تحققت في عهده وخاصة الخروج عن الاتفاق النووي الدولي مع إيران، ما أعاد هذه المشكلة المعقدة بعد سنوات طويلة منجهود لتسوية إلى نقطة الصفر.

وعلى الرغم من الصورة “الملائكية” التي يحاول ترامب باستماتة الترويج لها عن نفسه، إلا أن ولايته لم تخل من مغامرات سياسية وعسكرية كان يمكن أن تتسبب في حرب في أكثر من مناسبة، وخاصة عملية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد في 3 يناير 2020، والتي جرت بأمر مباشر منه.

ويحسب له علاوة على ذلك، العملية العسكرية التي انتهت في شمال سوريا بقتل زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي في 27 أكتوبر 2019.

ومع ذلك لم يخل السجل العسكري فترة ولاية الرئيس الجمهري دونالد ترامب من عمليات عسكرية محدودة، حيث خاض مغامرتين من هذا النوع، الأولى جرت يوم 7 أبريل 2017، حين أطلقت القوات الأمريكية بأمر منه 59 صاروخا مجنحا من طراز توماهوك على مطار الشعيرات العسكري في محافظة حمص.

وفي العملية الثانية، تشاركت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في شن هجمات جوية ضد أهداف في سوريا زعم أنها على صلة بإنتاج أسلحة كيميائية.

أما في المجال السياسي، فالأمر أيضا لم يخل من إثارة وغرابة، حيث قلب ظهر المجن لأقرب حلفاء وأصدقاء بلاده التقليديين، وطالبهم بامتيازات اقتصادية، وبأن يدفعوا مقابل الحماية الأمريكية، وخاطب هؤلاء باستعلاء وأثار غضب الكثيرين منهم.

وبشأن العلاقات مع الصين، شن ترامب حربا تجارية مع بكين، ورفع درجة التوتر معها إلى مستوى غير مسبوق، وتحرش بها مختبرا صبرها في بحر الصين الجنوبي، بل واتهمها بالمسؤولية العمدية عن تفشي جائحة كورونا، وحاول استمالة روسيا للوقوف ضد المارد الأصفر، الأمر الذي لم ينل أي قدر من النجاح.

ومن المواقف المثيرة في هذا المجال، أن ترامب عامل بلطف كبير زعيم كوريا الشمالي كيم جونع أون، بعد أن وصفه في وقت سابق برجل الصواريخ الصغير، وعقد معه قمة في سنغافورة عام 2018، وتحمل مشاق السفر في العام التالي ووصل إلى المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين ليجتمع بكيم، إلا أن الحصيلة بقيت على حالها، ولم تتعد الإعلان عن النوايا الطيبة.

وعلى الرغم من أن ترامب فشل في السباق على ولاية ثانية، إلا أن ما اتخذه من مواقف وقرارات خلال 4 سنوات هز العالم بقوة، بما في ذلك الولايات المتحدة التي وصلت درجة الانقسامات فيها مستويات لا سابق لها، علاوة على توترات هددت الاستقرار الاجتماعي والسياسي باستقطاب خطير للغاية.

ويبدو أن الرئيس الأمريكي قرر أن يمضي قدما بلا رجعة في نفس الطريق مغردا خارج السرب، متقاطعا مع الواقع الأمريكي التقليدي، ظهر ذاك فيما تردد عن اعتزامه تأسيس حزب جديد، أملا في عودة مدوية أخرى إلى السلطة، ولعل ترامب يخاطب العالم الآن في داخله قائلا: “سأعود قريبا كونوا في الانتظار”.

Exit mobile version