العنف والسلطة الثيوقراطية وتكفير المجتمع في لغة الإسلام السياسي

أنمار نزار الدروبي

يُعد العنف شكل من أشكال استغلال الإنسان لأخيه الإنسان منذ العصور القديمة، ويعتبر الإرهاب أقصى درجات العنف، وتطور بعد تشكل التجمعات البشرية وتطور العلاقات الاجتماعية فيما بينها وتشكيل الدولة، حيث أصبح العنف يمارس من سلطة قادرة على فرض الاستغلال بالقوة، لصالح فئات اجتماعية معينة، الامر الذي أدى إلى اقتران الاستغلال بالاستبداد، فتحول العنف إلى مظهره الإرهابي، الذي تتنوع مصادره وأسبابه تبعاً لتطور مستوى الاستغلال والاستبداد. وبناء على ذلك فإن للإرهاب، أسبابه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية وكذلك الفهم الخاطئ للنصوص الدينية، الذي يولد التعصب ليس ضد الأديان والمذاهب المختلفة، بل بين أبناء الدين والمذهب الواحد. وعلى الرغم من أن القانون الدولي قد فشل حتى الآن في إيجاد تعريف موضوعي لمفهوم الإرهاب نتيجة لتضارب مصالح الدول المؤثرة وازدواجية المعايير، إلا أن هناك إجماعا دوليا حول بعض الأفعال التي تشكل إرهابا واتفق على شجبها ومكافحتها لأنها تهدد السلم والأمن الدوليين، ومن الأفعال والأعمال التي أصبحت تمثل أشكالا شائعة من أعمال الإرهاب خطف الطائرات وعمليات القرصنة الجوية واختطاف الرهائن واغتيال الدبلوماسيين والشخصيات المحمية دوليا وتفجير المباني ووضع القنابل في وسائل المواصلات واغتيال الملوك والرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء والمسؤولين الحكوميين وكذلك الهجوم على المدنيين العزل من السلاح. إضافة إلى ارهاب الدولة، بنوعيه الداخلي، الذي تقوم به الدولة بهدف اجبار المواطنين للخضوع لسياستها وقمع نشاطاتهم من أجل تلبيه حقوقهم المشروعة، والخارجي، الذي تمارسه دولة معينة ضد دولة أخرى، لتحقيق مصالحها الخاصة من خلال التهديد باستخدام القوة أو بالاستخدام الفعلي لها، او اللجوء إلى العقوبات الاقتصادية وكل الأعمال التي تؤدي إلى ترويع المدنيين وتدمير وسائل الحياة لشعب من الشعوب. وفي الظروف الراهنة فإن معطيات ظاهرة العنف والإرهاب فرضت نفسها على نشاطات السياسة الدولية، في خضم تداخل تداعياتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، بعد ان تمدد الإرهاب من الدول الإسلامية، وانتقل الى المجتمعات الأوروبية والى القارة الأمريكية أيضا، وجاء هذا التمدد مع بروز توظيف ظاهرة الإرهاب عالميا من قبل القوى العظمى، حيث أدى ذلك التوظيف الدولي والإقليمي لهذه الظاهرة بأن يحولها إلى كيان دولي مؤسسي استطاع أن يحتل مدن في سوريا والعراق وغيرها.

وتـأسيسا لما تقدم نصل إلى عدة استنتاجات أهمها ما يلي:

أولاً، تُمثل العولمة في عصرنا الحالي من أهم الأسباب في زيادة ظاهرة العنف، ليس فقط من خلال استفادة الإرهابين من وسائل الاتصال التي خلقتها العولمة وظهور أشكال وأساليب جديدة مستعملة في العمليات الإرهابية كاستخدام المتفجرات الدقيقة الصنع وذات التحكم عن بعد بواسطة الحاسوب أو الهاتف النقال، والمساهمة في نشر الجريمة العالمية على عدة أصعدة من أهمها، تهريب الأموال بين دول، اضافة إلى عولمة تجارة المخدرات، بل في فرض علاقات غير متكافئة بين الدول الغنية والدول الفقيرة.

ثانياً، أكدت الوقائع أن الثقافة الدينية المتطرفة، التي تعتمد على التأويل الخاطئ للأديان، من أهم الدوافع التي تقف خلف السلوك الإرهابي، باسم الأديان، الذي يجتاح العالم اليوم، بما فيه العالم الإسلامي، حيث أصبح الإرهاب ذو الدافع الديني أهم سمة مميزة للإرهاب في الظروف المعاصرة، بعد أن أصبح الدين مرجعية وأحد المصادر الفكرية الأساسية التي تعتمد عليها جماعات الإسلام السياسي تحديدا، مثلما تعتمد منظمات أخرى على اليهودية، أو المسيحية، أو غيرها من المنظمات التي تعتمد على أفكار التعصب القومي والديني.

ثالثاً، يمتلك الإرهاب الذي يستند على التأويل الخاص لمبادئ الدين من قبل مفكري الجهادية السلفية، خصوصية، لأنه ينطلق من أفكار عقائدية مؤدلجة، وحركية سياسية فعالة، حيث يقترف من خلاله ممارسوه أفظع جرائم القتل والاختطاف والممارسات الإرهابية الأخرى. وفيما يخص البلدان العربية، شكلت جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتفرعة عنها أولى هذه الحركات التي استخدمت العامل الديني لممارسة العنف والعنف المضاد في سياق صراعات مع النظم الحاكمة والدولة والمجتمع. فقد بررت الجماعات الأصولية (الجهادية السلفية) ممارساتها للعنف الإرهابي، من قتل أبناء الطوائف غير الإسلامية وسبي النساء، والأجانب والمخالفين لهم والتمثيل بهم، وكل هذه الأعمال الإرهابية الأخرى التي قامت بها، على أنها أعمال تخدم الدين والمقاومة.

رابعاً، أعتمد الغرب على الخلط بين الجماعات الأصولية وبين الدين الإسلامي، حيث تم إلصاق اسم الدين بالإرهاب، لكن هذا ينافي جانب من الواقع، ذلك فإن إلصاق صفة الإرهاب بالإسلام وإعفاء الآخرين منها ستكون مقصودة ومغرضة، كما أن استخدام كلمة الجهاد والجهاديين على العمليات الإرهابية، هو الآخر أمر مقصود ومفتعل، لأن للجهاد شروطه، فالجهاد من أجل الحق هو غير الإرهاب، وهو جهاد دفاعي هدفه حماية البلاد والعباد من العدوان والإرهاب والظلم.

في السياق ذاته فإن خطر الأصولية الإسلامية قد أزداد واتسعت رقعة نشاطه بسبب عدة عوامل أخرى أهمها هي :

  أ. المعايير المزدوجة للدول الغربية فيما يخص حقوق الإنسان ومن تجليات تأييد الانظمة الدكتاتورية في كثير من البلدان العربية والإسلامية، وتأييد سياسة إرهاب الدولة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، بالإضافة إلى الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على عدد من البلدان العربية والإسلامية.

ب. ممارسة القوة في العلاقات الدولية واللجوء لسياسة الغزو العسكري، من قبل الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، كما حدث لأفغانستان عام 2001، والعراق عام 2003، بحجة الحرب على الإرهاب.

 ج. تقديم المساعدات، بما فيه العسكرية للمنظمات المتطرفة لحسم صراعها مع الدولة والمجتمع، كما حصل خلال الاحداث التي جرت في عدد من الدول العربية بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية عام2011.

د. إن تعامل الدولة الغربية مع الإرهاب، أدى توسعه بحيث أصبح الإرهاب في الوقت الراهن الشماعة التي تستغلها الدول العظمى لكي تفرض استراتيجيتها الجديدة على العالم والمتمثلة بالغطرسة على الضعفاء والفقراء.

خامساً، كان وما يزال لوسائل الإعلام الغربية دورا بارزا في استغلال ظاهرة الإرهاب والعنف في تشويه صورة الإسلام والمسلمين والإساءة له، من خلال الترويج للمفاهيم السلبية التي تعمل على تشويه معاني الإسلام التي تطرحها الجماعات الإسلامية المتشدد ونهجها الإرهابي وكأنها نابعة من الإسلام كدين. إن ذلك أدى إلى تحفيز اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا على طرح دعوة الحرب على الإسلام بذريعة القضاء على ما يسمى بالإرهاب الإسلامي، لاسيما أن الإعلام الغربي قد اعتمد على أسلوب الانتقائية في تقديم الحجج والبراهين والبيانات التي تنسب كل الأعمال الإرهابية التي وقعت في العالم للإسلام والمسلمين.

سادساً، إن البحث عن أفكار الأصولية الإسلامية الجهادية، يجد لها جذور في التراث الديني، تمثله آراء ابن تيمية وتجديدها من قبل الوهابية مرورا بكتابات أبي الأعلى المودودي، وكذلك في ولاية وحاكمية الفقيه وكتابات الخميني، ناهيك عن مبدأ الحاكمية الذي كان من أساسيات منهج تيار الإسلام السياسي، وأفكار سيد قطب التي شكلت مرحلة انعطاف راديكالي في تاريخ الفكر الحركي والسياسي الإخواني في مصر بحيث تخطت أفكاره حدود تكفير الدولة إلى تكفير المجتمع.

سابعاً، بالرغم من وجود بعض الاختلافات بين جماعات السلفية الجهادية، التي اعتنقت فكر التكفير، لكنها لم تكن خلافا أيديولوجيا بحد ذاته، وإنما في درجة التشدد في التكفير، حيث أن بعض هذه الجماعات رفضت التعامل مع المجتمع من منطلق رؤيتهم التكفيرية المتشددة، تلك الرؤية التي تدعو إلى هجر المجتمع والخروج منه، وبناء المجتمع الإسلامي الصحيح، أو تكفير النظام باعتباره رأس الكفر، والدعوة إلى الخروج عليه مثل جماعات السلفية الجهاد. ويعتبر تنظيم ” داعش ” أكثر التنظيمات الجهادية الإرهابية تطرفاً، حيث تمثل أفكارها رؤية طوباوية خالصة تفرض الماضي البعيد بالقوة على الحاضر. وهي تنظيم إرهابي وحركة شمولية، لها تفسيرها الخاص لمبادئ الإسلام، ترفض التعايش مع أي فصيل جهادي آخر، معتبراً ذلك انتقاصا من شرعيتها، بهدف تبرير احتكار تمثيلها للجهاد العالمي.

ثامناً، اتخذ التكفير لدى الحركات والجماعات الإسلامية المتشددة طابعا سياسيا في جوهره، وإن كان يظهر في أحيان كثيرة على أنه تكفير ديني، فجماعات الإسلام السياسي تسعى إلى السلطة الثيوقراطية وأسلمة المجتمع بغض النظر عن أسلوبها حتى وإن كان بالعنف الإرهابي وبشتى وسائله. ومن هنا تكمن خطورة الخطاب التكفيري لهذه الجماعات.

تاسعاً، شهد العالم تغيرات وتحولات كبيرة عقب الحرب العالمية الأولى كان من ﺑﻳن أﺑرز ﻣﻼﻣﺣﻬﺎ ﺳﻳطرة اﻟدوﻝ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻟدوﻝ العربية وﻓرض ﺳﻳطرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻳها عن طريق الانتداب، ومحاولاتها الترويج للأفكار والرؤى والتقاليد والمفاهيم الغربية التي لا تتلاءم مع طبيعة وتطور المجتمعات العربية الإسلامية. ولم تكن مصر بعيدة عن تلك الأحداث، بل يمكن القول إنها كانت في قلبها، فكان من الطبيعي واستنادا لما سبق أن يولد تيار ديني يقف بالضد تماما من تلك الأفكار، فنشأت حركة الإخوان المسلمين. 

عاشراً، أسس حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 طبقا لتخطيط وترتيب أسهمت فيه أطراف داخلية وإقليمية، تظافرت مع عدة عوامل مرت بها مصر في حينها كان لها الأثر الكبير على تأسيس الجماعة مثل، العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية. لكن في نفس الوقت كان حسن البنا يتمتع بصفات شخصية معينة، تلك الصفات التي أهلته ليصبح القائد الأول لأكبر وأشهر حركة إسلامية في التاريخ المعاصر.

حادي عشر، نظر حسن البنا إلى السلطة على أنها ركن من أركان الإسلام، وهذا مخالف لمذهب أهل السُنة الذين اعتبروا السلطة فرعا من فروع الإسلام، وليست أصلا من أصوله. لكن الظاهرة الخطيرة في أفكار وتنظيرات البنا والتي أصبحت قاعدة أساسية يتوارثها قادة الجماعة ويعلمونها لإتباعهم، أنه جعل من جماعة الإخوان المسلمين مجتمع يختلف عن باقي الشعب، حيث اعتبرت الجماعة نفسها هي من يمثل الإسلام، وحكمت على باقي المجتمع الذي خارج الجماعة بأنه مجتمع جاهلي أو بعيد عن الإسلام.

 ثاني عشر، ترى جماعة الإخوان المسلمين أن ما تقـوم بـه من ممارسات لا يدخل في دائرة العنف غير الشرعي، بل يكون ضمن دائرة العنف الشرعي والجهاد والعمل الصالح، وإنهم لم يستخدموا القوة والعنف في مسيرتهم السياسية الا مـن خـلال الدفاع عن النفس وتحديدا عند تعرضهم للاضطهاد من قبل الانظمة السياسية المصرية المتعاقبة بحسب قولهم. وعليه فالجماعة تُبيح ممارسة العنف واستخدام القوة على أساس فريضة الجهاد والدفاع عن نفسها، وهذا يعطيها شرعية دينية لممارسة العنف حسب مفهومها الإيديولوجي.

ثالث عشر، وبالرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين تؤكد على تمسكها بالنهج الديمقراطي والصراع السلمي الحر لتداول السلطة، إلا أن الأحداث والوقائع قد أثبتت أن اعمال العنف والإرهاب توسعت في مصر بعد نشأة جماعة الإخوان المسلمين، وتحديدا منذ تأسيس التنظيم الخاص، ذلك التنظيم الذي كان يمثل الجناح العسكري للجماعة والذي عمل على مبدأ تكريس العنف السياسي في إطار الجماعة، بل وأعطاها شكلا تنظيميا ومؤسسيا من خلال النظام الخاص. كما ظهرت ميول العنف جليه بعد فوز الاخوان بالسلطة في مصر من خلال تخيلهم عن كل وعودهم بعدم الانفراد بالسلطة واشتراك القوى السياسية الأخرى في الحكم، حين عملوا على إبعاد الآخرين وتغيير طبيعة الدولة والسعي إلى تنفيذ سياسة أسلمة المجتمع، ولجؤهم إلى الاعمال الإرهابية بعد عزل الجيش للرئيس محمد مرسي. 

رابع عشر، دخلت جماعة الإخوان المسلمين في صدام وصراع مع النظام السياسي في مصر في كل مراحل التطور التي شهدتها الدولة المصرية، كما شمل هذا الصدام أيضا كافة التيارات المخالفة لهم سواء كانت إسلامية أو ليبرالية، وما حدث خلال عامهم الأول للحكم في مصر خير دليل على ذلك. أن حالة الصراع المستمرة مع الدولة والمجتمع ترجع إلى تجذر أفكار التعصب لدى الجماعية منذ تأسيسها.

خامس عشر، إن تحديد مفهوم العنف في فكر وسلوك جماعات الإسلام السياسي (السُنية والشيعية)، لا يمكن فهـمه وما يتفرع منه من مفاهيم القوة والثورة والجهاد لدى الجماعة وكذلك فهم المصادر والأصول الفكريـة التي تنطلق منها في ممارسة نشاطها على أرض الواقع، دون دراسة الظروف الفكرية والسياسية والاجتماعية التي نشأت فيها هذه الجماعات وتطورها من جهة، ومن جهة أخرى طبيعة علاقة حركات الإسلام السياسي بالسلطات الحاكمة وتوظيف هذه العلاقة لصالح مشروعها السياسي الذي يهدف للسيطرة على السلطة واستخدامها لتحقيق طموحها بأسلمة الدولة والمجتمع.  

سادس عشر، تُمثل عقيدة الإسلام في رأي مفكري ومنظري الإسلام السياسي عقيدة انقلابية شاملة لا ترضى أن تعيش على الهامش، بل من شأنها أن تسود الحياة كلها وتصبغ وجه المجتمع كله بصبغة الإيمان وصبغة الله. فعلى سبيل المثال لا الحصر طالبت جماعة الإخوان المسلمين الحكومات المصرية المتعاقبة بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية وإلغاء كل القوانين الغربية وخاصة الفرنسية التي انتشرت في أكثر الدول العربية وفي مقدمتها مصر وتحديدا في الفترة الأولى من عمر الجماعة وبدايات تأسيسها.

سابع عشر، أثبتت الوقائع والأحداث، بأن أغلب الفصائل الإسلامية المتطرفة قد تأثرت بأفكار وأيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين، ومن أبرز هذه الأفكار هي عدم اعتراف الجماعة بأي نظام حكم لا يرتكز على أساس الإسلام ولا يستمد منه تشريعاته وقوانينه، إضافة إلى ذلك فهم لا يعترفون بالأحزاب السياسية، ولا بالقوانين الوضعية التقليدية التي هي في رأيهم قد أرغموا عليها من قبل أهل الكفر وأعداء الإسلام على الحكم بها والعمل عليها. ومن هنا فأنهم يسعون وبكل قوة على إحياء نظام الحكم الإسلامي بكل مظاهره وتكوين الحكومة الإسلامية على أساس هذا النظام.

 ثامن عشر، لقد تخلت جميع أحزاب وحركات الإسلام عن النشاط الدعوي وهو الهدف المعلن في بداية تأسيسها وعلى أساسه توسع نشاطها ونالت الاحترام من فئات اجتماعية عديدة، لصالح النشاط السياسي من أجل السلطة، ولو أخذنا جماعة الإخوان المسلمين مثالاً نرى نشاطها من أجل الدعوة الذي اقترن بالنشاطات الخيرية والاجتماعية والثقافية والتربوية والاقتصادية، قد وظف لخدمة أهدافها السياسية، وهذا الأمر كان حاضرا بكثافة في كل الانتخابات التي اشتركت فيها.

تاسع عشر، أن الايديولوجيات المتطرفة قد عولمت الإرهاب، بعد أن أصبحت عابرة للحدود، وهي الايديولوجيات التي تعبر عنها الجماعات المتطرفة كالقاعدة وداعش، والجماعات الدينية السياسية كجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك حركات وأحزاب الإسلام السياسي الشيعي، حيث تتبنى هذه الجماعات أيديولوجيات تتجاوز حدود الدولة الوطنية، لتشمل العالم بأسره، ويعتبر تنظيم داعش تحديدا هو من أسهم بدور في ظاهرة عولمة التطرف، فإذا كانت حركات الجهاد التي تشكلت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ضد الوجود السوفيتي في أفغانستان مقتصرة على العرب والمسلمين، فإن التنظيم استطاع في تجربته في سوريا والعراق أن يستقطب آلاف المتطرفين من جميع أنحاء العالم إلى الشرق الأوسط، في مؤشر واضح على عولمة ظاهرة التطرف، وتطور أدواتها وتحول أهدافها ، فرغم انهيار دولة الخلافة التي أسسها داعش في سوريا والعراق، إلا أن أيديولوجية التنظيم وأفكاره، ستبقى مصدر إلهام للجماعات المتطرفة، ما لم يتم القضاء على الأسباب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي ادت إلى ظهورها

Exit mobile version