انتخابات ولكن ليست مبكرة

محمد السيد محسن

غريب مبرر مفوضية الانتخابات لتأجيل الموعد المقرر ودفعه أربعة اشهر إضافية

والاغرب منه انها ساقت هذا المبرر في سياق الاقتراح , مدافعة عن وجهة نظرها بان الأمور اللوجستية لم تكتمل بعد وخصوصا تسجيل الكيانات.

وبالعودة الى اصل تأسيس هذه المفوضية فاننا نستنتج انها متهمة بعدم الاستقلالية وانها نتاج الأحزاب المتنفذة التي تقاسمت أعضاءها فيما بينها, وكان ذلك واضحا من خلال عدم التزام اللجنة البرلمانية وقتذاك بالاسس والسياقات المفترضة لترشيح أعضاء المفوضية , وانسحاب بعض الأعضاء بسبب تسويف الديمقراطية الدستورية الى محاصصة حزبية. وبرر احد البرلمانيين ذلك بانه لم يخرج من سياق الديمقراطية , حيث ان الاتفاق بين الأحزاب السبعة المسيطرة على القرار هو تطبيق واقعي للديمقراطية.

لا استبعد ان تكون المفوضية اطلقت هذا البالون كي ترسل رسائل حزبية أولا ثم سياسية ثانيا , الامر الذي يفرض صمودا من قبل الكاظمي على ان تجري الانتخابات في موعدها المحدد . 

وبالتالي فان ما اقترحته المفوضية وما اذعن له رئيس الوزراء يدخل ضمن التحدي الذي يواجهه رئيس الوزراء منذ إعلانه موعد اجراء الانتخابات المبكرة ولحد الان , حيث تسعى بعض الكتل الى تأجيل الانتخابات , وتضغط بهذا الاتجاه وما على الكاظمي الا الصمود , والايفاء بتعهده باجراء انتخابات مبكرة , متجاوزا كل التحايل الحزبي الذي يمارسه اليائسون والمتخوفون من فقد مكتسبات السلطة على مدى سبعة عشر عاما.

وكانت المفوضية أعلنت قبل أيام استعدادها لاجراء الانتخابات في موعدها المقرر , بيد انها اليوم تتذرع بعدم تسجيل العدد الكافي للكيانات السياسية , ولعمري تلك نكتة الموسم

وكان وفد المفوضية عرض خلال اجتماع للرئاسات الثلاث بالإضافة الى ممثلة الامين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت الجدول العملياتي الفني والتوقيتات الزمنية الخاصة بإجراء الانتخابات المبكرة، وتم مناقشة المواعيد المحددة لعملية تحديث سجل الناخبين التي انطلقت مطلع كانون الثاني الجاري، واستمرار عمليتي التسجيل البايومتري وتوزيع بطاقة الناخب البايومترية، وأيضاً المدد المحددة لتشكيل التحالفات السياسية واستقبال قوائم المرشحين. وكل شيء جرى بشكل طبيعي دون تسجيل اعتراض , وبعد انتهاء الاجتماع خالفت المفوضية ما تعهدت به.

ليس المفوضية فقط هي التي تعهدت بل ان فعاليات كثيرة ابدت استعدادها لانجاح تجربة الانتخابات المبكرة , بما في ذلك شرطة العاصمة حيث تعهد وكيل وزير الداخلية لشؤون الشرطة بحماية مكاتب المفوضية وتسيير فرق جوالة لتامين حماية مخازن المفوضية بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد.

ومن قبل ذلك كان اجتماع الرئاسات الثلاث قد فرغ من موعد اجراء الانتخابات وكان يتحدث عن الصيغة القانونية للمصادقة على الانتخابات من خلال حث مجلس النواب على الإسراع بالتصويت على قانون المحكمة الاتحادية وتعويض النقص الحاصل بعدد أعضائها.  هذا يدل على ان الأمور كانت تسير بشكل طبيعي , فما حدا مما بدا , الامر الذي يعيدنا الى ما بدأنا به الحديث على ان موقف المفوضية لم يكن إداريا او لوجستيا بقدر ما كان صدى لما تسعى له الأحزاب التي ترى انها ستنقرض في حال اجراء انتخابات مبكرة بقانون بدون سانت ليغو , ذلك القانون الذي تعده الأحزاب المسيطرة على سدة القرار في العراق بمثابة طوق النجاة , او الاحجية التي ما ان تذكر حتى يحصل الحزب على ما يريد من مكتسبات اعدها له المحتل الأمريكي

Exit mobile version